ملتقى القصة العراقية.. يفتتح فعالياته د. علي جواد الطاهر.. يستعيد ذاكرته

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
19/01/2009 06:00 AM
GMT



افتتحت صباح السبت، وعلى احدى قاعات فندق السدير وسط بغداد، فعاليات ملتقى القصة العراقية في دورته الرابعة التي حملت اسم الناقد الكبير علي جواد الطاهر، والتي ينظمها نادي القصة في اتحاد الادباء والكتاب في العراق، بحضور حشد من القصاصين والادباء والشخصيات الثقافية والاعلاميين، الذين امتلأت بهم القاعة، حيث تستمر فعاليات الملتقى لثلاثة ايام، وقد علت احدى جدران القاعة لافتة تقول (القصة العراقية ملمح بارز من ملامح الثقافة العرقية) فيما زينت صورة كبيرة للدكتور الطاهر جهة اخرى من القاعة، وتشعر من خلال الاحتفالية والحشد ان الدكتور الطاهر حاضرا بجسده بين الجمع، ترى ملامحه مرسومة على قسمات الحاضرين، بل ربما تشعر من خلال تردد اسمه انه استعاد ذاكرته وها هو يسرد تفاصيل جهوده الابداعية وسيرة حياته الثرة، وقبل الدخول الى القاعة سألت القاص صلاح زنكنة، عضو اللجنة التحضيرية، عن هذا الحشد الكبير؟، فأجاب: هؤلاء اغلبهم قصاصون عراقيون، جاءوا من مختلف محافظات العراق،وهو شيء يدعو الى الفخر والى قدرة القصة العراقية من خلق اجيال متواصلة من اهل السرد، كما انه يعني ان القصة العراقية ما زالت بخير.

  بدأت فعاليات الملتقى بكلمة موجزة قدمها المذيع والاعلامي احمد المظفر عن سيرة حياة الراحل الطاهر حملت عنوان (الناقد المعلم) قال فيها: (استاذ مقتدر، جليل في تواضعه، كبير في ارثه، تحقيقا وتأليفا وترجمة، انغمس في كتابات البعيدين والاقربين، وعن معرفة كتب وحاضر وصحح وتهكم وادان، وبأسمه الكبير اقفل ابواب المراقبة والمنع، هكذا الفت سنون العراق رموزها، فالطاهر سنبلة من حصادات العلم، مجمع في كل ميدان، قاموس نقدي شامل، دأب على الكتابة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية تاركا ما يزيد عن 40 كتابا)، واضاف المظفر: علي جواد الطاهر من مواليد مدينة الحلة عام 1919، تخرج من دار المعلمين عام 1945، وحصل على البكالوريوس من كلية الاداب جامعة فؤاد بالقاهرة عام 1948، حاز على دكتوراه الدولة في الاداب من السوربون عام 1953 وعمل استاذا مساعدا في كلية الاداب جامعة بغداد، وكان اول سكرتير تحرير لاتحاد الادباء في العراق عام 1959-1963، كما عمل استاذا مساعدا في كلية الاداب جامعة الرياض 1963-1968، واستاذا زائرا في جامعات الجزائر وقسططنطينية وصنعاء وقطر، حتى احيل الى التقاعد عام 1979 مع 24 استاذا جامعيا لعدم رضا النظام المباد عنهم، رحل في 9/10/1996 بعد ان اصيب بمرض عضال ولم يتمكن من السفر والعلاج خارج العراق بسبب المضايقات التي مارسها النظام ضده، رحل الطاهر وهو يقف حزنا على ما تركه فعسى ان تعاد (اليوم) له المكانة في صروحنا العلمية والثقافية.

 ثم القى فاضل ثامر رئيس الاتحاد كلمة قصيرة حيا فيها الحضور على تجسمه عناء السفر للمشاركة في هذا الملتقى المميز، ومباركا التسمية التي حملت اسم ناقد كبير له تأثير معروف في الثافة العراقية، وقال: تأتي اهمية الملتقى وانعقاده في هذا الظرف لتكون دليلا على قدرة الادب العراقي على التجاوز والقيام بواجباته، ومن خلال انه يعد مشغلا مهما للسرد العراقي من خلال البحوث والدراسات التي قدمها الباحثون والدارسون والتي تدل على ثراء القصة العراقية، مشيرا الى ان الدكتور الطاهر يستحق الكثير لكونه اغنى المكتبة العراقية بتحليلاته ونقده وتعريفاته واهتم بالسرد العراقي وكان احد ابرز نقاده.

  ثم تحدث القاص والروائي احمد خلف رئيس الهيئة التحضيرية للملتقى حيث اكد اولا على اهمية وقيمة الدكتور علي جواد الطاهر في المشهد النقدي العراقي على مستوى القصة والرواية ومتبعته الجادة والدؤوبة والمستمرة لنتاج القصاصين العراقيين منذ بواكير اعماله الفذة وحتى اخر ايامه حيث كان المرض قد اذبل منه الجسد، مؤكدا انه كان يزوره في بيته ويراه لايكف عن الكتابة، واشار احمد الى الثقافة العراقية على الرغم من ظروف الاحتلال وكيف انها حافظت على هويتها الوطنية، كما تحدث عن قيمة القصة العراقية من خلال القصاصين الستينيين والسبعينيين والذين ما زالوا يتواصلون، وخير دليل هو ما ينشر الان من عشرات المجاميع القصصية سواء عن دار الشؤون الثقافية العامة او الطبع الخاص الذي تدفع لثمانه من جيوب القصاصين، وفي الختام حيا احمد خلف القصاصين الشباب تحديدا وطالبا منهم التحيد والاستمرار في المواصلة والمواكبة لانه كما قال: نحن بحاجة ماسة اليهم اولا ولان القصة العراقية القصيرة بحاجة الى دماء جديدة.

   ثم قرأ القاص جهاد مجيد عضو الهيئة التحضيرية كلمة اللجنة، شكر فيها الحاضرين اولا ومن ثم تحدث عن جهد الهيئة وكيف استطاعت بالامكانت المتوفرة لدى الاتحاد من اقامة الملتقى والاعداد الجيد له من اجل انجاحه وظهوره بالصورة اللائقة.

بعد هذه الكلمات قدم عازف العود الشاب مصطفى محمد الاستاذ في معهد الفنون الجميلة بأضافة مسحة جمالية على الفعاليات من خلال تقديمه لعدد من المقطوعات الموسيقية التي نالت اعجاب الحاضرين وبللت بقطرات من النغمات المعبرة وجدانهم.

    ثم بدأت فقرة المحور النقدي حيث تمت قراءة ثلاثة بحوث رافقتها ثلاث تعقيبات، تناولت الجهد النقدي للراحل الطاهر، فكان الاول: ثوابت متن الطاهر النقدي (نقد القصة خاصة) للدكتورة نادية غازي العزاوي، عقب عليها الدكتور فاضل التميمي، والثاني: د. علي جواد الطاهر ومشغله السردي، للدكتور مالك المطلبي، وعقب عليه فاضل ثامر، والثالث كان: علي جواد الطاهر والنقد القصصي (الرواية مثالا) للدكتور ابراهيم علي شكر، عقب عليه الدكتور قيس الخفاجي.

  وقد حاولنا استطلاع اراء عدد من المعنيين بالشأن القصصي حول اهمية الملتقى،فكانت متباينة، فقال الناقد علي الشبيب: الملتقى هو فرصة للبحث والتباحث حول جملة من المجترحات الكتابية على مستوى النص الابداعي والنص النقدي، وهذه المباحث هي فرصة للافادة والتأثير بين مختلفالمناحي الاشتغالية، ونتمنى ان تتواصل هذه الملتقيات سيما وانها تجمع بين مجترحات كتابية متباعدة ومتناقضة، وهذه الخطوة هي خرق مضيء لكل محاولات الذين يعرقلون تحول العراق نحو مستقبل جديد، عراق وضاح يجمع بين المتناقضات وفق بانوراما لونية واجتماعية ورئيوية، توحد شكل هذا العراق منذ انبثاقه، منذ السومريين والى حد الان.

  اما القاصة ايناس البدران ورئيسة منتدى نازك الملائكة فقالت: الملتقى عبارة عن احتفالية اتحفنا بها نادي القصة في الاتحاد العام لادباء العراق، جمعت مبدعي العراق بكل اطرافه بقصد الاطلاع على الدراسات النقدية القيمة، مثلما اتاحت لنا الفرصة للالتقاء باسماء مميزة في مجال القصة، والاطلاع على بعض النتاجات عبر جلسات القراءات، والملتقى فرصة ثمينة وفرت الينا للاطلاع على ابداعات الصوت الحقيقي، وهو صوت القاص العراقي المعبر عن حياة مجتمعنا، كما يجعلنا نطلع على ادب وعطاء علم من اعلام القصة والنقد والثقافة هو الدكتور علي جواد الطاهر.
    وقال القاص شوقي كريم: أقر واعترف انني لا اؤمن بالمؤتمرات ولا بالملتقيات، وكنت كتبت هذا لاكثر من مرة لانها لاتقدم ولا تؤخر ولا تضيف شيئا للحياة الثقافية العراقية ، بل هي هدر للاموال ومضيعة للوقت ومجال لاقامة بعض العلاقات الاجتماعية التي يسعى اليها الادباء، اما على الصعيد المنجز فلاشيء ستذهب اليه هذه البحوث والدراسات القصصية باتجاه الريح ولا احد يتذكرها مثل مئات الدراسات التي قدمت في الملتقيات والمؤتمرات السابقة، والازمة الاكبر من كل هذا علينا اولا ان نفكر كيف نوصل صوت المثقفف العراقي الى الشارع، انظروا الى الوجوه ستجدونها من الادباء، دلوني على مواطن واحد جاء يستمع الى ما نقول، نحن داخل دائرة ندور مثل نواعير للاسف الشديد، انا حزين وعلى المعنيين بالثقافة العراقية ان يلتفتوا الى قراءة المشهد القصصي والثقافي بشكل عام بصحة ودقة ونعرف ماذا نقدم في المستقبل وماذا نريد!!.

 اما القاص عبد الامير المجر فقال: لا شك ان السرد، قصة او رواية، يحتل مكانة متأخرة في سلم اهتمامات المؤسسة الثقافية العراقية، قياسا الى الشعر، وهذا الامر لنعكس على الملتقيات الادبية التي تعنى بالرواية والقصة التي تعقد في فترات متباعدة، بينما نجد مهرجانات الشعر مزدحمة ولا نكاد ننتهي من مهرجان لندخل في اخر، اضف الى ذلك ان الملتقيات الادبية ليس لها بريق اعلامي كالشعر، ومن هنا نجد ان اقامة هذا الملتقى فرصة طيبة للقاء الاصدقاء من القصاصين العراقيين الذين حالت دون لقائنا بهم الظروف المعروفة، ومنذ سنوات كما هو معروف، وسواء أكان هذا الملتقى ناجحا في منهاجه ام لم يوفق، فأن الفضيلة الابرز اراها في اللقاء الذي تاقت انفسنا اليه كثيرا، وحسنا انه تحقق الان على امل ان تستمر هذه الملتقيات بشكل منتظم ولو سنويا.